
الجبهة الشرقية
الإجراءات الأولية
استمرت الحرب في شرق أوروبا بينما وصلت إلى طريق مسدود في الجبهة الغربية.
كانت المخططات الروسية أن تغزو مملكة غاليسيا النمساوية وبروسيا الشرقية الألمانية
في وقت واحد. مع أن التقدم الروسي في غاليسيا كان ناجحًا مبدئيًّا إلى حد كبير إلا
أنه تراجعوا للوراء بسبب انتصار الجيش الألماني بقيادة الجنرال الألماني باول فون هيندنبورغ والجنرال إريك لودندورف للجيش
الألماني في بروسيا الشرقية في معركة تاننبرغ ومعركة بحيرات
ماسوريان الأولىفي أغسطس وسبتمبر من عام 1914.[190][191] كانت
الصناعة في روسيا الأقل نموًّا اقتصاديًّا والقيادة العسكرية الغير فعالة لها دور
أساسي في الأحداث التي وقعت. مع ربيع عام 1915 تراجع الروس إلى غاليسيا وفي شهر
مايو تمكنت دول المركز من اختراق حدود جنوب بولندا.[192] في 5
أغسطس تمكن الألمان من احتلال وارسو وأجبروا الروس على التراجع
والخروج من بولندا.
الثورة الروسية
مع الرغم من نجاح هجوم بروسيلوف في شمال
غاليسيا في يونيو 1916.[193] كانت
سياسة الحكومة الروسية قد تسبب في استمرار الحرب. انتعشت قوات التحالف والروس
نشاطها مؤقتا فقط مع دخول رومانيا للحرب في 27 أغسطس. جاءت القوات الألمانية
لمساعدة قوات الإمبراطورية النمساوية المجرية المحاصرة في ترانسيلفانيا بينما هاجمت القوات
الألمانية البلغارية من ناحية الجنوب، وسقطت بوخارست في 6 ديسمبر على يد قوات دول
المركز. في الوقت نفسه نمت الإضطرابات في روسيا بينما بقي القيصر نيقولا الثاني في
الجبهة. جرِّدت الإمبراطورة ألكسندرا من
أهليتها وزادت الإحتجاجات على نحو متزايد بعد مقتل الراهب غريغوري راسبوتين في نهاية
1916.
في مارس 1917 توجهت المظاهرات في سانت بطرسبرغ نحو القيصر نيقولا الثاني ليتنازل
عن العرش وتعيين حكومة روسية مؤقتة ضعيفة
ومشاركتها السلطة مع الإشتراكيين في سانت بطرسبرغ، أدى هذا إلى الارتباك والفوضى
سواء كان في الجبهة أو المنزل، وأصبح الجيش الروسي غير نافع للقيصر ولايقاوم هذه
المظاهرات.[192]
أدى السخط والضعف في الحكومة المؤقتة إلى إرتفاع شعبية الحزب البلشفي بقيادة فلاديمير لينين الذي طالب
بوضع حد فوري للحرب. مع نجاحالثورة البلشفية في نوفمبر
بعدها بشهر في ديسمبر تم التوصل إلى هدنة ومفاوضات مع ألمانيا. رفض البلاشفة شروط الألمان
في البداية، ولكن بعدما بدأت قوات ألمانيا تسير نحو أوكرانيا قبلت الحكومة الجديدة
شروط معاهدة برست ليتوفسك في 3 مارس
1918. وقد نصت المعاهدة على:
1.
التخلي عن أراضي
شاسعة من بينها فنلندا وأجزاء من دول البلطيق وبولندا.
2.
الجلاء عن أوكرانيا والإعتراف بمعاهدتها مع
ألمانيا لدول المركز.
3.
الإمتناع عن نشر
الدعاية.
4.
التنازل لتركيا
عن أرداهان وقارس وباطوم.[184][194]
مع النجاح الهائل لألمانيا فإن عدد القوات الألمانية المسلحة المطلوبة لإحتلال
الأراضي الروسية السابقة قد ساهم في فشل هجوم الربيع إضافة إلى تأمين الغذاء
القليل وغيره من العتاد العسكري.
مع اعتماد معاهدة بريست ليتوفسك لم يعد حلف الوفاق قائمًا. تدخل الحلفاء في
الحرب الأهلية الروسية جزئيًّا لوقف ألمانيا من
استغلال الموارد الروسية وإلى حد أقل لدعم الجيش الأبيض ضد الجيش الأحمر في الحرب الأهلية الروسية.[195] وصلت قوات
الحلفاء إلى أرخانغلسك وفلاديفوستوك كجزء من حملة شمال روسيا.
الفيلق التشيكوسلوفاكي
حارب الفيلق التشيكوسلوفاكي جنبًا إلى جنب مع قوات الوفاق وقد كان هدفهم النصر
حتى يكسبوا تأييدهم لإستقلال تشيكوسلوفاكيا. أُنشئ الفيلق
في عام 1917 في روسيا وفي ديسمبر في فرنسا (من بين المتطوعين كان هناك أمريكيون)
وفي أبريل 1918 أُنشئ في إيطاليا. تواجهت القوات التشيكوسلوفاكية مع قوات الجيش
النمساوي المجري في إحدى قرى أوكرانيا زبوريف ووقعت معركة زبوريف (1-2
يوليو 1917). بعد هذا الإنتصار ارتفع عدد الفيلق التشيكوسلوفاكي إضافًة إلى القوة
العسكرية التشيكوسلوفاكية، ففي معركة باخماتش هزم
الفيلق قوات الإمبراطورية الألمانية وأجبرهم على وضع هدنة.
في روسيا، انشغلت الحكومة في قتالها الحرب الأهلية الروسية التي كانت
تحت قيادة البلاشفة والتحكم في سكة الحديد العابرة
لسيبيريا إضافًة إلى قهر جميع المدن الرئيسية في سيبيريا. كان لوجود الفيلق
التشيكوسلوفاكي بالقرب من ييكاتيرينبرغ واحدًا من القوى الدافعة
للبلاشفة ليطلقوا النار على أسرة رومانوف في يوليو 1918. وصل الفيلق بعد أقل من
أسبوع واستولى على المدينة.[196]
لأن الموانئ الروسية الأوروبية لم تكن آمنة تمَّ إجلاء الفيلق بواسطة إلتفاف
طويل عبر ميناء فلاديفوستوك، وكان آخر نقل لسفينة أمريكية قد
تم في عام 1920.
اقتراح قوى المركز بدء مفاوضات السلام
في ديسمبر 1916 وبعد عشرة أشهر من القتال الدامي في معركة فردان ونجاح حملة رومانيا، حاول الألمان
التفاوض على السلام مع الحلفاء، فقد أصبحت الهجمات الألمانية عاجزة عن القيام
بضربة شاملة ولم يعد أمام الجيوش الألمانية سوى الدفاع والتراجع أمام القوى
الهجومية المتزايدة من الحلفاء.[197] إضافًة أن
الجبهة الداخلية بدأت تتداعى والتذمر من رجال البحرية الذين أمضوا الوقت منذ معركة
جوتلاند (1916) دون عمل، والمتنفذين اليهود حركوا قوى العصيان وانتشر التذمر في
المدن بسبب النقص الشديد في المواد الغذائية.[198] اتجهت
القيادة العسكرية إلى طلب الهدنة بوساطة الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون ليكون صانع السلام بين
الطرفين، وطلب من كلا الطرفين أن يذكرا مطالبهما. في البداية رفض رئيس وزراء الحرب
البريطاني ديفيد لويد جورج طلب
الرئيس الأمريكي [199] واعتبر أن
العرض الألماني هو حيلة لخلق انقسامات بين الحلفاء. فشلت المفاوضات ورفضت قوى
الوفاق العرض الألماني، لأن ألمانيا لم تذكر أي مقترحات محددة. وذكرت سلطات دول
الوفاق أنهم لن يبدأوا مفاوضات السلام حتى تقوم قوى دول المركز بإجلاء جميع
الأراضي التي احتلها الحلفاء وعمل تعويضات لكل الأضرار والاعتراف بمبدأ القوميات.[200] وبعد
العديد من المداولات وافقت ألمانيا على هذه الشروط خاصة وأن الولايات المتحدة كانت
على وشك دخول الحرب ضد ألمانيا بعد حادثة اعتداء الغواصة. وفيما يتعلق بمسألة
الأمن، سعى الحلفاء على وضع الضمانات التي من شأنها أن تمنع أو تحد من الحروب في
المستقبل، مع استكمال العقوبات كشرط لأي تسوية سلمية.[201]
لقد اعتقدت القيادة العسكرية الألمانية أن الهدنة ستكون لصالحها مثل أن تحتفظ
على الأقل بقواتها المسلحة وحكومتها، ولكن الرئيس الأمريكي وضع شروطًا قاسية إن
أراد الألمان أن يقبلوا عقد الهدنة. ومن هذه الشروط أنه على الإمبراطور الألماني
والقيادات العسكرية التي تولت أمر ألمانيا خلال الحرب أن تعتزل من مناصبها وتفسح
الطريق أما حكومة ديموقراطية تتولى التفاهم على الصلح مع الديموقراطيات الغربية
المنتصرة، وتنازل الإمبراطور وفرَّ من البلاد واستقالت القيادات العسكرية
والسياسية وعقدت الهدنة في نوفمبر 1918.[198]
شكرا لك على التعليق