أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

سلسلة الحرب العالمية الأولى العدد 8



سلسلة الحرب العالمية الأولى


التطورات في عام 1917


أحداث عام 1917 أثبتت دورها الحاسم في إنهاء الحرب، ولم يُشعر بآثارها المباشرة حتى عام 1918. بدأ الحصار البحري البريطاني يصبح ذو تأثير خطير على ألمانيا. في شهر فبراير 1918 أقنع هيئة الأركان الألمانية المستشار الألماني تيوبالت فون بتمان هولفيغ لكي يعلن عن حرب غواصات بهدف تجويع بريطانيا عن طريق إغراق سفن بريطانيا وسفن الدول المحايدة المتعاملة معها بواسطة أعداد كبيرة من الغواصات التي بنتها على عجل ولكن الخطة قد فشلت بسبب استخدام الإنجليز نظام قوافل السفن التي تسير في حراسة الأسطول، ولأن عددًا كبيرًا من هذه الغواصات دمرتها قطع الأسطول الإنجليزي.[202] وقد قدَّر المخططون الألمانيون أن حرب الغواصات الغير محدود سيكلف بريطانيا خسارة شحن شهرية تصل إلى 600،000 طن. اعترفت هيئة الأركان العامة أن استخدام هذه السياسة من المؤكد أنها ستجلب الولايات المتحدة إلى هذه الحرب ولكنهم في نفس الوقت قاموا بعمل حسابات أخرى وهي أنه في حال المضي بخطتهم فإن بريطانيا وبسبب أن خسارتها في الشحن البحري ستكون مرتفعة للغاية فإنه من الممكن أن تضطر لأن ترفع دعوى للسلام بعد 5 أو 6 أشهر وقبل أن يكون للتدخل الأمريكي تأثير في هذه الحرب. وفي الواقع ارتفع غرق حمولات الشحن إلى 500,000 طن من شهر فبراير إلى يوليو وبلغت ذروتها القصوى في أبريل بعدما غرق 860,000 طن. بعد يوليو أُعيد نظام القوافل مرة أخرى في هذه الحرب وهذا أثَّر على الحد من تهديد غواصات U-boat الألمانية. بعد العمل على هذا النظام أصبحت بريطانيا في مأمن من الجوع، بينما انخفض الإنتاج الصناعي الألماني وانضمت الولايات المتحدة للحرب في أعداد كبيرة في وقت أبكر مما توقعته ألمانيا. خلال تلك السنة استطاعت غواصات U-boat أن تجد السفن التي كانت تبحر بشكل مستقل وتُغرقها، ولكن نجاح هذه الغواصات بدأ بالإنخفاض. في يناير 1918 أغرقت غواصات U-boat الألمانية حوالي 103,738 طن من حمولة السفن بينما أغرقت القوات النمساوية 20,020 طن.[203] في أكتوبر وصلت خسائر الحلفاء عند نهاية هذه الحملة لتلك السنة 761,000 طن.[204]
في 3 مايو 1917 وخلال معركة نيفل أصبح كتيبة الفرنسية الثانية متعبة من القتال في معركة فردان، وقد رفضوا الإنصياع للأوامر وقد ظهروا في حالة سكر وبدون أسلحتهم ولم يستطع ضباطهم معاقبة الكتيبة بأكملها ولم تُنفذ على الفور أي تدابير قاسية لمعاقبتهم. في 27 مايو تمرد الجيش الفرنسي وفرَّ عدد من الجنود وبعد فترة تحولت الفرارات الفردية إلى تمرد واسع الإنتشار وترك 30,000 جندي خط الجبهة والخنادق الإحتياطية وتراجعوا للوراء.[205] هاجمت قوات الحلفاء الأخرى قوات العدو ولكن معدل الخسائر كان هائلًا.[206] ومع ذلك وبسبب أهمية الواجب الوطني تجاه البلد وظهور الإعتقالات الجماعية والمحاكمات بدأ الجنود بالعودة والدفاع عن خنادقهم.[207]
انتصرت القوات الألمانية والقوات النمساوية المجرية على الحلفاء في معركة كابوريتو (24 أكتوبر –7 نوفمبر 1917) وقد كان لاستخدام الألمان للأسلحة الكيماوية دور كبير في انتصارهم.[208] بعد الهزيمة عقد الحلفاء مؤتمر رابالو بهدف تحسين التعاون العسكري الحلفاء ووضع استراتيجية موحدة.[209] بينما كانت الجيوش البريطانية والفرنسية في السابق تعمل تحت أوامر منفصلة.
في ديسمبر وقعت دول المركز هدنة مع روسيا وتسببت هذه الهدنة في تحرير عدد كبير من الجنود الألمانيون من الخدمة في الغرب. مع التعزيزات الألمانية وتدفق القوات الأمريكية كانت النتيجة المقررة على الجبهة الغربية. لقد عرفت قوات الحلفاء أنهم لن يتمكنوا من كسب الحرب التي طال أمدها ولكن عقدوا الآمال في النصر في هجوم نهائي وسريع. علاوة على ذلك فقد أصبح قادة دول المركز والحلفاء يخشون بشكل متزايد من الإضطرابات الاجتماعية والثورات في أوروبا، وبالتالي فقد سعى كلا الجانبين بالنصر الحاسم والسريع لهذه الحرب.[210]
في 1917 قام الإمبراطور تشارلز الأول بعمل مفاوضات سرية مع جورج كليمانصو وشقيق زوجته الأمير سيكستوس في بلجيكا كوسيط بدون علم ألمانيا. عارضت إيطاليا المقترحات وبعد فشل المفاوضات السرية اكتشفت ألمانيا عما كان يعمل عليه الإمبراطور وهذا الإكتشاف أدَّى إلى وقوع كارثة دبلوماسية.[211][212]

صراع الدولة العثمانية 1917-1918

في عام 1917 بعد معركة غزة الأولى (26 مارس 1917) والثانية (17–19 أبريل 1917) أوقفت القوات الألمانية والعثمانية بعدما تقدمت قوة التجريدة المصرية التي كانت مُستخدمة منذ أغسطس 1916 في معركة رمانة. في نهاية أكتوبر استؤنفت حملة سيناء وفلسطين بعدما قاد الجنرال إدموند ألنبي قواته ضد العثمانيون وهجومه بئر السبع ومن ثم انتصاره في معركة بئر السبع (31 أكتوبر 1917) بعدما اخترقت قوات إدموند بئر السبع وقعت معركة غزة الثالثة (31 أكتوبر - 7 نوفمبر 1917).[213] بعد عدة أسابيع انهزم جيشين من جيوش الدولة العثمانية فيمعركة قمة جبل المغار (13 نوفمبر 1917)، وفي بداية ديسمبر تم الإستيلاء على القدس بعدما انهزمت القوات العثمانية في معركة القدس (17 نوفمبر – 30 ديسمبر 1917). في تلك الفترة أعفي الجنرال الألماني كريس فون كرسنشتاين من مهامه كقائد للجيش الثامن واستُبدل بسيفات شوبانلي، وبعد عدة أشهر أُعفي قائد الجيش العثماني في فلسطين إريش فون فالكنهاينواستُبدل بأوتو ليمان فون ساندرز.
في بداية عام 1918 امتد خط الجبهة إلى وادي الأردن و احتُلت أريحا، واستمر الاحتلال إلى أن وقعت معركة شرق الأردن الأولى (21 مارس – 2 أبريل 1918)[214][215] ومعركة شرق الأردن الثانية (30 أبريل – 4 مايو 1918) بين القوات البريطانية والقوات العثمانية. في معظم شهر مارس أُرسلت معظم قوات التجريدة المصرية البريطانية وسلاح الفرسان للقتال على الجبهة الغربية بسبب هجوم الربيع، ولكنهم بعد ذلك أستُبدلوا بوحدات الجيش الهندي. خلال عدة أشهر من إعادة التنظيم والتدريب في فصل الصيف، عدد من هجماتحملة سيناء وفلسطين نفذت على أجزاء من خط الجبهة العثمانية. وهذا دفع خط الجبهة نحو الشمال إلى مواقع مفيدة استعدادًا للهجوم وللتأقلم مع مشاة الجيش الهندي التي وصلت لهذه الحملة. في منتصف شهر سبتمبر أصبحت القوة المتكاملة جاهزة ومستعدة للقتال في عمليات واسعة النطاق في سيناء وفلسطين.
في سبتمبر 1918 اقتحمت قوات المشاة المصرية المنظمة مع عدد من الفرسان قوات الجيش العثماني في معركة مجدو (19–25 سبتمبر 1918).[216] استطاعت قوات المشاة البريطانية والهندية في خلال يومين كسر خط الجبهة العثمانية واستولت على مقر الجيش العثماني الثامن في معركة طولكرم (19 سبتمبر 1918) وفيها أُلقي القبض على 800 سجين و12 مدفع ميداني.[217][218] استمر القتال على طول خط الخنادق العثمانية ووقعت معركة تبصر (19–20 سبتمبر 1918) ومعركة وادي عارة (19 سبتمبر 1918)، كذلك تم الإستيلاء على المقر الرئيسي للجيش العثماني السابع في معركة نابلس (19 - 25 سبتمبر 1918) والتي تُعتبر آخر هجوم في حملة سيناء وفلسطين[219]. عبر فيلق الخيالة الصحراوي خط الجبهة التي استولي عليها خلال العمليات المستمرة من قبل قوات المشاة،سلاح الفرسان الأسترالي، الفرسان البريطانيون، الرُّمََاحون الهنود وفرقة الخيالة النيوزيلندية في مرج ابن عامر، وقاموا بإحتلال العفولة وبيسان (20 سبتمبر 1918)، احتُلت بيسان بدون أي قتال بين الساعة 16:30 و18:00،[220][221][222] أما العفولة فقد دخلوها في الساعة 8:00[223] وفيها أُلقي القبض على 75 ألماني و300 من قوات الجيش العثماني جنبًا إلى جنب مع عشر قاطرات للسكك الحديدية و50 عربة من عربات السكك الحديدية.[223][224] والناصرة وجنين (20 سبتمبر 1918) وحيفا في معركة حيفا ( 23 سبتمبر 1918) على ساحل البحر الأبيض المتوسط ودرعا شرقنهر الأردن على خط سكة حديد الحجاز. أيضًا في بحيرة طبريا احتُلت سمخ بعد معركة سمخ (25 سبتمبر 1918) وطبريا شمال مدينة دمشق. استطاعت تلك القوات في معركة شرق الأردن الثالثة احتلال معابر نهر الأردن، السلط وعمان وزيزا التي كان فيها معظم الجيش العثماني الرابع.[225][226] في 30 أكتوبر وبينما كان القتال لايزال مستمرًا في شمال مدينة حلب تم التوقيع علىهدنة مودروس وبذلك انتهت الأعمال العدائية مع الدولة العثمانية.

الدخول الأمريكي

عند اندلاع الحرب اتخذت الولايات المتحدة سياسة عدم التدخل لتجنب الصراع وأن تكون وسيط السلام. عندما أغرقت غواصة U-boat الألمانية RMS Lusitania في 7 يونيو 1915 وقتلت 128 أمريكي كان على متنها أعلن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون مطالبته بإنهاء هجمات إغراق سفن الركاب وامتثلت ألمانيا لهذا القرار بأنها لن تهاجم سفن الركاب. لقد حاول ويلسون أن يلعب دور الوسيط ومع ذلك فقد حذَّر تكرارًا أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع حرب الغواصات التي تنتهك القانون الدولي. وقد ندَّد الرئيس الأمريكي الأسبق ثيودور روزفلت بهذا الإعتداء الألماني ووصفه "بالقرصنة".[227] كان قد أُعيد انتخاب ويلسون في 1916 وكان الداعمون له قد شددوا على أهمية أن يجعل الولايات المتحدة بعيدة عن هذه الحرب.
في يناير 1917 استأنفت ألمانيا حرب الغواصات وهم مدركين أن هذا من الممكن أن يُدخل الولايات المتحدة إلى الحرب، لذا أرسل وزير الخارجية الألماني برقية زيمرمان إلى المكسيك تقترح فيها أن تكون حليفةً لألمانيا في شنها الحرب على الولايات المتحدة وبالمقابل فإنه ألمانيا ستكون الداعم للمكسيك في حربها على الولايات المتحدة وستساعدها على استرداد أراضيها السابقة: تكساس ونيومكسيكو وأريزونا.[228] ولكن سلك الاستخبارات السريةالبريطانية اعترضت هذه البرقية وفكَّت شفرتها وقدمتها إلى السفارة الأمريكية في المملكة المتحدة، ساهم هذا في إعلان الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا.[229] بعدها نُشرت البرقية للعامة. دعا ويلسون العناصر المناهضة لهذه الحرب حتى يُنهي كل الحروب عن طريق الفوز والقضاء على سيطرة العسكرية من العالم. وقد جادل الرئيس الأمريكي في أن هذه الحرب مهمة لدرجة أن الولايات المتحدة كان عليها أن يكون لها رأي في مؤتمر السلام.[230] بعد غرق سبعة سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة ونشر برقية زيمرمان أعلن الرئيس الأمريكي الحرب على ألمانيا.[231] وقد أعلن الكونغرس الأمريكي هذا في 6 أبريل 1917.
كان الجيش الأمريكي يحتوي على عدد قليل من الجنود ولكن بعد إقرار قانون الخدمة الانتقائي جُند 2.8 مليون رجل،[232] وبحلول صيف عام 1918، تم إرسال 10,000 جندي جديد لفرنسا في كل يوم. أعطى الكونغرس الجنسية الأمريكية للبورتوريكيون عندما جُنِّدوا للحرب العالمية الأولى.[233][234] كان الألمان قد أخطئوا في حساباتهم حينما ظنوا أن جنود الجيش الأمريكي لن يصلوا إلا بعد أشهر طويلة، وأنه من الممكن أن يوقف وصولهم غواصات U-boat.[235]
أرسلت الولايات المتحدة سفينة حربية إلى سكوبا فلو لتنضم لأسطول مدمرة غراند البريطانية للمساعدة في حراسة القوافل، أيضًا أرسلت عدة أفواج منقوات مشاة البحرية الأمريكية إلى فرنسا. لقد أراد البريطانيون والفرنسيون تعزيزات القوات الأمريكية لمساعدتهم في هذه الحرب وفي سير الإمدادات التي كانت على متن سفن الشحن. رفض الجنرال العسكري جون بيرشنغ فصل قواته لدعم الوحدات الفرنسية والإنجليزية على خطوط القتال وأصر على أن تكون قواته وحدة واحدة منفصلة ومميزة وتتحمل مسئولية منطقة ما، وكإستثناء فقد سمح للقوات الأمريكية ذوي الأصول الأفريقية والبورتوريكيون ذوي الأصول الأفريقية أن يذهبوا مع كتيبة القوات الفرنسية، وقد قاتلوا مع الكتيبة السادسة عشر الفرنسية في معركة شاتو ثيري ومعركة بيلو وود.[236] لقد كان مبدأ قوات المشاة الأمريكية استخدام الهجمات الأمامية في أثناء القتال وهذا هو ما تجاهلته الإمبراطورية البريطانية والقادة الفرنسيين منذ فترة طويلة بسبب خسارتها الكبيرة في الأرواح.[237]

هجوم الربيع الألماني 1918

رسم الجنرال إريك لودندورف خططًا للهجوم على الجبهة الغربية في 1918:(الاسم الحركيعملية مايكل). سعى هجوم الربيع تقسيم القوات البريطانية والفرنسية بسلسلة من الخدع والمكر. كانت القيادة الألمانية تأمل في إنهاء حربها قبل وصول القوات الأمريكية التي كان لديها العدد الكبير من الجنود. بدأت العملية في 21 مارس 1918 بهجوم من القوات البريطانية قرب مدينة أميان الفرنسية. حققت القوات الألمانية النجاح على بعد 60 كيلومتر (37 ميل).[238] كانت أميان واحدة من الأهداف الرئيسية لهجوم الربيع الألماني الذي بدأ في 27 مارس. استطاع الجيش الألماني الثاني دفع قوات الجيش البريطاني الخامس الذي خاض سلسلة من الإجراءات الدفاعية إلى الخلف. في 4 أبريل نجح الألمان في احتلال فيلار برودونو الفرنسية ولكن تم استعادتها بعد هجوم مضاد من القوات الأسترالية في تلك الليلة. في أثناء القتال قُصفت مدينة أميان من قبل المدفعية والطائرات الألمانية وقد تسبب هذا في تدمير أكثر من 2000 مبنى.[239] في 8 أغسطس 1918 وقع هجوم مضاد ناجح قام به الحلفاء في معركة أميان، التي كانت المرحلة الإفتتاحية لهجوم المائة يوم. في 10 أغسطس أُجبر الجيش الألماني على التراجع عن طريقممرات أرضية كانت قد احتلتها خلال العملية العسكرية مايكل ومن ثم انسحبت خلف خط هيندنبيرغ،[240] وهذا جعل ألمانيا تطلب الهدنة من الحلفاء، بعدها وُقِّعت هدنة كومبين الأولى التي أنهت الحرب.[241]
اختُرقت الخنادق البريطانية والفرنسية باستخدام تكتيكات التسلل والتي تسمى أيضًا باسم تكتيكاتهاتيير نسبة إلى الجنرال الألماني أوسكار فون هاتيير من قبل وحدات مدربة تدريبًا خاصًا تسمى بقوات الصدمة الألمانية (بالألمانيةStoßtruppen). لقد اتسمت هجمات القصف المدفعي بكونها طويلة وتسببت في مقتل العديد. ومع ذلك فقد استخدم إريك لودندورف في هجوم الربيع 1918 المدفعية لفترة وجيزة فقط، وتسللت مجموعات صغيرة من المشاة في الأماكن التي احتوت على حماية ضعيفة من قوات العدو. لقد استطاعوا الألمان بهذه الطريق مهاجمة مقرات القيادة والخدمات اللوجستية وتجاوز نقاط مقاومة شديدة القوة. لقد اعتمد نجاح الجيش الألماني في هذه المعركة على عنصر المفاجأة.[242]
تحركت الجبهة 120 كيلومتر (75 ميل) من باريس. فأطلقت ثلاث مدافع سكك حديدية من صنع كروب183 قذيفة على العاصمة الباريسية وقد تسبب ذلك في فرار العديد من الباريسيون العاصمة حتى لايصابوا بأذى، وبسبب النجاح الكبير لهذا الهجوم أعلن القيصر فيلهلم الثاني أن يوم 24 مارس هو عيد وطني. اعتقد العديد من الألمان أن الانتصار بات وشيكًا بعد هذا القتال العنيف ومع ذلك فقد توقف الهجوم بسبب افتقارهم للدبابات الحربية والمدفعيات ذاتية الحركة، وأصبح الوصول إلى خطوط الإمدادات التي كانوا يأخذون منها المؤونة الحربية أطول بكثير بعد هذا التقدم السريع في الأراضي المدمرة.[243]
ألحَّ الجنرال الفرنسي فرديناند فوش بعد وصول القوات الأمريكية أن يستخدموا كبُدلاء فرديون، في حين سعى بيرشينغ أن تستخدم الوحدات الأمريكية كقوة مستقلة. في 5 نوفمبر 1917 تشكل مجلس الحرب الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر دولونس،[244] وقد عيِّن فوش كقائد لمجلس حرب قوات الحلفاء. لقد احتفظ كلٌّ من جون بيرشنغ، فيليب بيتان ودوغلاس هيج بالسيطرة التكتيكية لجيوشهم؛ تولى فرديناند فوش التنسيق أما القيادات البريطانية والفرنسية والأمريكية فقد كانت تعمل بشكل مستقل إلى حد كبير.[244]
بعد عملية مايكل العسكرية بدأ الألمان بعملية جورجيت ضد موانئ شمال بحر المانش. بعد كسبهم لأقاليم محدودة من ألمانيا أوقف الحلفاء هذه الحملة. ذهب الألمان إلى الجنوب وبدأوابعملية بلوخر ويورك واندفعوا على نطاق واسع نحو العاصمة باريس. في 15 يوليو بدأت عملية مارن في محاولة لتطويق ريمس وبداية معركة المارن الثانية. في 20 يوليو تراجع الألمان للوراء عبر المارن إلى خط البداية الذي بدأوا منه الهجوم،[245] بعد هذه المعركة لم يتمكن الجيش الألماني من استعادة زمام المبادرة. لقد بلغت خسائر الجيش الألماني من شهر مارس إلى يوليو 270,000 جندي من بينهم جنود من قوات الصدمة الألمانية. في تلك الأثناء كانت الإمبراطورية الألمانية تتداعى بسبب ظهور مسيرات مكررة للحركات المناهضة للحرب وانعدام الروح المعنوية للجيش.

دول جديدة تحت منطقة الحرب

في أواخر ربيع عام 1918 تشكلت ثلاث بلدان جديدة في جنوب القوقاز أعلنت استقلالها عن الإمبراطورية الروسية وهي: جمهورية أرمينيا الأولى (1918-1920) وجمهورية أذربيجان الديمقراطية وجمهورية جورجيا الديموقراطية.[246] تأسست أيضًا اثنتان من الكيانات الصغيرة مثل ديكتاتورية وسط بحر قزوين والحكومة الوطنية المؤقتة لجنوب غرب القوقاز. مع إنسحاب الجيوش الروسية من الجبهة القوقازية في شتاء 1917-1918 استعدت الجمهوريات الكبرى للقتال بعد تقدم الجيوش العثمانية الذي بدأ في الأشهر الأولى من عام 1918. واستمر هذا التضامن لفترة وجيزة بعد إنشاء الجمهورية الترانسقوقازية الديمقراطية الإتحادية في ربيع 1918 ولكنه إنهار تمامًا في شهر مايو بعد تلقي الجورجيون الحماية من ألمانيا وإبرام أذربيجان معاهدة كانت أقرب إلى تحالف عسكري مع الدولة العثمانية. وتُركت أرمينيا لوحدها تكافح لمدة خمسة أشهر ضد تهديد الاحتلال الكامل على يد العثمانيين.[246]











تعليقات